كرّمت بلدية المتين ومشيخا كبير اطباء المتين الدكتور شاهين ابو سليمان تقديرا لخدماته وعطاءاته اللامحدودة في مجال الطب والجراحة، وذلك في حفل اقامته في ساحة المتين الاثرية حضره النائب ادي ابي اللمع ورئيس البلدية زهير ابو نادر واعضاؤها ورجال دين وحشد من فاعليات البلدة واهلها.
افتُتح الحفل بالنشيد الوطني ثم عرض فيلم وثائقي عن سيرة ومراحل حياة المكرم ألقى بعده رئيس اللجنة الطبية في مستشفى السان شارل الدكتور جورج روحانا كلمة اصدقاء الدكتور ابو سليمان تحدث فيها عن العلاقة التي تربطه بالمكرم وعن ميزتي الصداقة والانسانية التي يتحلّى بهما، وردّد فيها مقولة للدكتور شاهين “بأننا لسنا محتاجين الى الكثير من العلم، انما محتاجون الى الكثير من الاخلاق فكيف اذا كنت تجمع الكثير من العلم والاخلاق، الدكتور ابو سليمان مدرسة شكرا لك”، ليليها كلمة للدكتور جيلبير ابو نادر الذي بادر و سعى لهذا التكريم وصف فيها ابو سليمان بالطبيب الكبير والمدرسة ومعددا الصفات التي يتمتع بها.
وقال: “أعترف انه من الاشخاص الذين اثّروا بي، لم اتعلم في الجامعة ولا في المستشفيات ما تعلمته على ايدي الدكتور شاهين، هذا الانسان المميز، الذي يتمتع بصفاة الشغف بالعلم والمعرفة والعطاء والتفاني والثقة بالنفس والشجاعة والتواضع. تعلمت منه كيف نمتصّ خوف المريض وخوف اهله وكيف نقضي على هذا الخوف و على الخوف الذي بداخلنا بواسطة التمرس والحكمة والثقة بالنفس”.
واضاف: “ان الدكتور شاهين لا يحب سوى الحديث الايجابي، نراه قبلنا في المحاضرات ليتعلم، هو مدرسة وانا افتخر ولي الشرف انني درست فيها، واليوم بعد 24 عاما على اللقاء الاول بك، اقول لك تسلم ايديك”.
وبعدها رحب رئيس بلدية المتين ومشيخا زهير ابو نادر بالموجودين والقى كلمة شكر فيها الدكتور جيلبير ابو نادر على مسعاه وقال: “ان هذه المناسبة التي نحن سعيدون بها وراءها الدكتور جيلبير الذي رافق الدكتور شاهين وتعلم منه ليس فقط الطب انما ايضا الاخلاق والتعاطي مع الناس، وقد عرض فكرة التكريم على المجلس البلدي الذي رحّب بها خصوصا وانّها المرة الأولى التي يُكرّم شخص في حياته، مسيرة سنتابع بها في المستقبل”.
واضاف: “لم ألتقِ الدكتور شاهين يوما اكان في الماضي البعيد او في الحاضر القريب او مساء البارحة الا والابتسامة تعلو وجهه، تلك الابتسامة الجميلة المعبّرة عن محبته الكبيرة للناس، تلك الابتسامة المعبرة التي تجعلك تشعر بفرحه للقائك والتي تجعلكم تفرحون بلقائه، تلك الابتسامة التي تجعلك ترى الانسان من ورائها، الانسان صاحب القلب الكبير وصاحب الرسالة، قبل ان ترى الطبيب المحترف صاحب المهنة. وفي الحقيقة عندما نتكلم عن الدكتور شاهين لا نستطيع التمييز او الفصل بين الطبيب و الانسان، فهو طبيب انساني يسهر على علاج مرضاه وعلى راحتهم، ويدرك ويعايش معاناتهم ويشعر بخوفهم ويعمل ما في وسعه لرفع معنوياتهم وطبعا لشفائهم وقد شفى العديد من المرضى، كيف لا وهو الجراح القدير صاحب الايادي الذهبية من الناحيتين الاحترافية والانسانية”.
وتابع: “يتمتع الدكتور شاهين بصفات عدة اولها المحبة، المحبة الكبيرة العامة والواسعة لكل الناس من دون استثناء او تفرقة، ومن هذه الصفة تندرج كل الصفات الحسنة الاخرى. الدكتور شاهين رغم خبرته الطويلة كان يسعى وراء العلم ليكسب تقنيات جديدة، ويسعى لمشاركة الآخرين خبراته الواسعة، ان رغبته بالعطاء و تواضعه جعلونا نحبه ونجتمع اليوم لتكريمه”.
وشكر ابو نادر عائلة ابو سليمان وقال: “كانت تربطني باحد ابنائها المرحوم الاستاذ نصري صداقة مميزة وقديمة، و كان دائماً يقف الى جانبي داعماً لي على جميع الصعد، وللاسف عندما كان الاستاذ جوزيف ابو سليمان رئيس بلدية وحصل اعتداء على خراج المتين، كتيرون شككوا بمحبته لضيعته، ولكن ما يمكن ان اؤكده من ارشيف البلدية ومن الملف الذي كان بين يدي ان المرحوم لم يترك مجهودا الا وقام به ولكن كلنا نعرف انه كان هناك شخصا يتمتع بنفوذ منع جوزيف من الوصول الى الهدف المنشود، ونحن عندما انطلقنا بحملة استرجاع الخراج ركّزنا على العمل الذي كان بدأه جوزيف”. وتابع ابو نادر: “لا يمكن الا ان نتذكر المرحوم النائب شاكر ابو سليمان الذي حين كان رئيس لجنة الادارة والعدل قدم اكبر عدد من مشاريع القوانين في البرلمان اللبناني.
وختم ابو نادر قائلا: “ان الدكتور شاهين ابن عائلة عريقة لها موقعها في هذه الضيعة الكريمة التي شاركت في تكريم طبيب كبير، ان الدكتور شاهين انسان راقي في كل شيء، في اخلاقه وتعامله مع مرضاه، انه طبيب جراح ماهر ومتمكّن وواثق بقدراته العلمية والفكرية، لكنه من اولئك الاطباء الذين وضعوا مخافة الله نصب اعينهم، يتعبّدونه من خلال عملهم الانساني، فيسهرون على مرضاهم عندما يكونون في حالة خوف وضعف. كرّس حياته لمهنة جعل منها رسالة انسانية، وفي يوم تكريمه نقول له ان ابناء المتين ومشيخا لن ينسوك، قد ينسون من شاركهم افراحهم ولكنهم لا يمكنهم ان ينسوا من شاركهم آلامهم. الدكتور شاهين انّ كل كلمات الشكر والتقدير لن تفيك حقك ولكن ارجو ان تكون محبتنا لك عرفانا للجميل لحياة طويلة كرستها لخدمة الانسان واتمنى ان يعطيك ربنا الصحة وطول العمر”.
ثم ألقى الدكتور شاهين ابو سليمان كلمة تحدث فيها عن بداياته في الطب والجراحة وقال: “ان كل شخص منا في عمر معين يحاول ان يقيّم سيرة حياته ويكتشف العوامل التي اثّرت بشكل ايجابي فيها، وتوصلت الى النتيجة التالية هي شغفي بالعلم ثم العلم ثم العلم وبالتقدم المستمر في العلم اي متابعة تطورات العلم والجراحة، لان من لا يتقدم يتأخر فكيف اذا ما كانت المهنة الطب والاختصاص الجراحة يعني مسؤولية عن اهم شيء عند الانسان هي حياته”.
أضاف: “اسمحوا لي التوقف عند ثلاث محطات كلها تصبّ في الاتجاه نفسه وهو التقدم وخدمة المرضى، اول محطة كانت عام 1960 عندما انتقلت الى لندن بعد سنتين من التخصص في الولايات المتحدة، لسببين اولهما لقرب المدينة من لبنان، والثاني لاكمال التخصص وخصوصا الحصول على شهادة مهمة جدا في نظري وهي من كلية الجراحة الانكليزية من خلال امتحان ولا اصعب ومستوى ولا اعلى، ونجحت واخذت الشهادة اواخر عام 1964 وكنت اول لبناني ينال على هذه الشهادة المهمة لدرجة ان البريطانيين يسموا حاملها بـ MR.، وتعلمت هناك ان الجراح هو الطبيب الماهر قبل اي شيء وحاولت ان اطبق هذا الامر في حياتي”.
وتابع: “المحطة الثانية هي تأسيس الجمعية اللبنانية للجراحة العامة في نقابة الاطباء ومهمتها علمية بحت، وذلك لتأمين التقدم الطبي الجراحي المستمر من خلال نشاطات علمية وندوات طبية ومؤتمرات دولية، وتأسست عام 1965 وكنت اصغر الجراحين فيها ولم اترك هذه الجمعية لغاية اليوم ولكن عندما وقعت الحرب عام 1975 توقفت الجمعية عن العمل ولكنني ولمدة 16 عاما لم اتوقف عن طلب العلم والتقدم المستمر في الجراحة، فاشتركت في احدى اكبر المجلات في العالم حتى عام 1997 لما اجتمعت مع البروفسور انطوان غصين والبروفيسور نجيب جهشان ونظمنا اول مؤتمر جراحي فكان ناجحا، ولكن مررنا بصعوبات الاتصال مع القاهرة وبغداد، لكن الحق يقال ان البروفيسور جهشان العقل المؤسساتي دعا الى اعادة احياء الجمعية، والى ان يكون لها مقر، فاجتمعنا انا والدكتور كمال بخعازي وعلي حسن ونجيب جهشان وجهزنا مقرا في السوديكو ما لبث ان قدمناه هدية الى نقابة الاطباء. واليوم الجمعية مؤسسة تعمل لكل ما للكلمة من معنى ومن انجازاتها عام 2000 Lebanese board الذي لا يزال اختياريا على امل الا يتدخل السياسيون فيصبح الزاميا لنرفع سقف الجراحة في لبنان، ومن ثم قررنا تكريم اول جراح فسميناه الدكتور انطوان غصين الذي اعطى الجراحة في لبنان ما لم ولن يعطه احد وسلمناه اول يد ذهبية. حتى انه وخلال هذه الفترة كنت في لجنة التحقيقات في النقابة التي تمدّ بالشكاوى والتي اتهمت زورا من بعض الاعلام بالتحيز، ولكن الحق يقال ان اللجنة لم تتحيز يوما الا لضميرها وللحق”.
وأشار الى ان “المحطة الثالثة هي الجامعة اللبنانية حيث عينت رئيسا لقسم الجراحة فاسست قسم الجراحة وفرع الجراحة العامة في الجامعة اللبنانية التي خرّجت العديد من الجراحين ممن انا فخور بهم لانهم يؤدون الرسالة على اكمل وجه”.
وختم بالقول: “بعد هذه المحطات الثلاث التي تضيء على المسار كله اشكر اهلي في المتين، انا قمت بواجبي تجاهكم لا اكثر ولا اقل، واليوم ليس بالضرورة ان تكافئون ابنكم اذا قام بواجباته معكم و دعونا نردد مقولة الشاعر “لا يخلو عندك تهديها ولا مال فليسعد النطق ان لم يسعد الحال”، انا اقول فليسعد الطب ان لم يسعد الحال. واخيرا اختم ببيت الشعر ما قيمة الناس الا في مبادئهم، لا المجد يبقى ولا الألقاب والرتب”.
واختتم اللقاء الذي تخلله قصائد شعر لعصام بارود وسامي هاني وخليل بارود وكذلك عزوفات موسيقية كلاسيكية واغاني تراثية، بحفل كوكتيل تبادل خلاله الحضور نخب الدكتور ابو سليمان.